عقد الزواج في شهر شوال أو في شهر المحرم أو بينهما لا حرج فيه وليس
بمكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج في شوال؛ فقد روى البخاري عن
عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال،
وبنى بي في شوال؛ فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أحظى عنده
مني؟!
لقد حرَص كثير من الناس على تحرِّي عقد الزواج في يوم معين
من الأسبوع، أو شهر معين من السنة؛ تحرِّيًا يترتب عليه أحيانًا نزاع أو
تشاؤم، ورجم بالغَيب عن فشل الزواج إن خولِف فيه المعتاد من هذه الأوقات.
وهذه
عادة جاهليّة ترد على بُطلانها السيدة عائشة بهذا الحديث؛ فقد كانوا
يتطيّرون أي يتشاءمون من شهر شوال؛ لما في اسمه من معنى الإشالة والرفع،
فيقال عندهم: شال لبن الناقة؛ أي: ارتفع وقَلَّ، ويقال: شالَت الناقة
بذنبِها إذا امتنعتْ عن الفحل أن يطرقَها. فهم يخافون أن تمتنعَ الزوجة عن
زوجها إذا أرادها، ويقال: شالت نعامَتهم إذا ماتوا وتفرّقوا، والنَّعامة
يُراد بها الجماعة؛ فالمُهم أنهم كانوا يتطيَّرون بهذا الشهر ويمتنعون عن
الزواج فيه..
وفي صحيح مسلم: قال عروة: وكانت عائشة تستحِبُّ أن تُدخِل نساءها في شوال.
قال
النووي: وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه وما يتخيله بعض
العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال. وهذا باطل لا أصل
له وهو من آثار الجاهلية؛ فقد كانوا يتطيرون (يتشاءمون) بذلك لما في اسم
شوال من الإشالة والرفع. أ هـ.
وقد ذكرت كتب السيرة أن النبيَّ
-صلى الله عليه وسلَّم- عقد لفاطمة بنته عَلَى عليِّ بن أبي طالب بعد بنائه
بعائشة بأربعة أشهر ونصف الشهر، وحيث قد علَّمنا أن زواجه وبناءه بعائشة
كان في شوال فيكون زواج فاطمة في شهر صفر، وذكر بعضهم أنه كان في أوائل
المحرّم.
ومهما يكن من شيء فلا ينبغي التشاؤم بالعقد في أي يوم ولا في
أي شهر، لا في شوال ولا في المحرّم ولا في صفر ولا في غير ذلك؛ حيث لم يرد
نصٌّ يمنع الزواج في أي وقت من الأوقات ما عدا الإحرام بالحج أو العمرة.